لطائف القراءات
من كتاب "ليدبروا آياته - ج٣"
قوله تعالى {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} في كلمة {مَالِكِ} قراءتان:
(مَالِك) بالألف، و (مَلِك) بدون ألف:
فلفظ (مَالِك) داخل تحت (مَلِك)، كما قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} آل عمران: 26.
وأما توجيه قراءة (مَلِك)، أن الملِك أخص من المالك وأمدح؛ لأنه قد يكون المالك غير مَلِك، ولا يكون الملِك إلا مالِكًا.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} البقرة:36، ففي كلمة {فَأَزَلَّهُمَا} قراءتان:
الأولى: بإثبات الألف والتخفيف (فأَزَالَهُما)، ومعناها: من الزوال والانتقال عن الجنة.
والثانية:
بحذف الألف مع التشديد (فَأَزَلَّهُمَا)، والمعنى: من الزَلل والخطأ.
ويحتمل أن يكون المعنى: من (زلَّ) عن المكان إذا تنحى، فتتحد القراءتان في
المعنى.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
{وَاتَّخِذُواْ} في قوله تعالى: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} البقرة:125، فيها قراءتان :
الأولى: (وَاتَّخِذُواْ) بكسر الخاء، أي: أمر باتخاذه مصلى.
الثانية:
(وَاتَّخَذُواْ) بفتح الخاء، والمعنى: أن هذا إخبار عن ولد إبراهيم عليه
الصلاة والسلام أنهم اتخذوا من مقام أبيهم إبراهيم مصلى.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
كلمة
{كَبِيرٌ} في قوله تعالى: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ
لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} البقرة:219، فيها
قراءتان:
1- (كبير) بالباء، أي: إثم عظيم.
2- (كثير) بالثاء، والمعنى: أن الخمر تحدث مع شربها آثاماً كثيرة، وفي الوقت نفسه كبيرة.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
كلمة {يَطْهُرْنَ} في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حتى يَطْهُرْنَ} البقرة:222، فيها قراءتان:
1- (يَطْهُرْنَ) بسكون الطاء وضم الهاء، والمعنى: انقطاع دم الحيض.
2- (يَطَّهَّرْنَ) بتشديد الطاء والهاء، والمعنى: الاغتسال بعد انقطاع دم الحيض.
وإذا ضممت القراءتين إلى بعضهما تبين أنه لا يجوز إتيان الزوجة إلا بعد اغتسالها، لا بمجرد انقطاع حيضها.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
{وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} البقرة:259، ففي {نُنشِزُهَا} قراءتان:
1- (نُنشِزُهَا) بالزاي، أي: نرفعها، من (النشز) وهو المرتفع من الأرض.
والمعنى: وانظر إلى العظام كيف نرفعها من أماكنها من الأرض على جسم صاحبها ليحيى بعد موته.
2- (نُنشِرُهَا) بالراء، من (النشر) وهو الإحياء.
والمعنى: وانظر إلى عظام حمارك كيف نحييها!
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
قوله تعالى: {وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} آل عمران:79، ففي كلمة {تُعَلِّمُونَ} قراءتان:
1- (تُعَلِّمون) بضم التاء، وفتح العين، وكسر اللام المشددة، من التعليم.
وهذه القراءة أبلغ في المدح؛ لأن المعلم لا يكون معلما حتى يكون عالما بما يعلمه للناس.
2- (تَعْلَمُون) بفتح التاء وإسكان العين وفتح اللام، أي: بعلمكم الكتاب.
وهي مناسبة لقوله (تدرسون).
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
قوله
تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا
قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} المائدة:13، قرئت {قَاسِيَةً} على وجهين:
1- (قاسِيَة) من قست تقسو، إذا كانت يابسة صلبة لا تعي الخير ولا تفعله.
2- (قَسِيِّة) بدون ألف وبتشديد الياء، ومعناها: فاسدة عاتية لا خير فيها.
والمعنيان كلاهما خطير على القلب. نعوذ بالله من فساد القلوب وقسوتها.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ يَقُصُّ الْحَقَّ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} الأنعام:57، قرئت {يقُصُّ}:
1- (يَقُصُّ الحق) بضم القاف والصاد، من القصص؛ لأن جميع ما أنبأ به فهو من أقاصيص الحق.
2- (يَقْضِ الحق) بالضاد من القضاء، والمعنى: يقضي القضاء الحق، أو: يقضي بالحق.
ويؤيد هذه القراءة قوله في آخر الآية: {وهو خير الفاصلين}؛ لأن الفصل إنما يكون في القضاء.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
قوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْم} الأنعام:119، ففي {يضلون} قراءتان:
1- (يُضلّون) بضم الياء: أي مضلون لغيرهم.
2- (يَضلّون) بفتح الياء: أي ضالون في أنفسهم.
وفي كلا القراءتين تنبيه على خطر الهوى!
وإن كان الإضلال أكثر خطرًا؛ لأن المضل يتحمل إثمه وإثم من أضله.
والضال في نفسه قد يضل غيره من حيث لا يشعر، حين يكون ممن يُقتدى به في ضلاله.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
قوله
تعالى: {وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي
بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} الأنعام:92،
في قوله {ولتنذر} قراءتان:
1- (وَلِتُنذِر) بالتاء، أي لتنذر أنت يا محمد أهل مكة.
ويدل على هذه القراءة قوله تعالى: {إنما أنت منذر} النازعات:45.
2- (ولِيُنذِر) بالياء، أي لينذر الكتاب أهل مكة.
ويدل على هذه القراءة قوله في أول الآية: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك}.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
قوله
تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْت
مِنْهُمْ فِي شَيْء} الأنعام:159، كلمة {فرقوا} فيها قراءتان:
1- (فَرَّقُوا) من التفريق، أي جعلوه فِرقًا.
ويدل على هذه القراءة قوله {وكانوا شيعًا}.
2- (فَارَقُوا) من المفارقة، أي تركوه وانصرفوا عنه.
والمعنيان متقاربان؛ لأنهم إذا فرَّقوا الدين فقد فارَقُوه.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
في
جملة {أولا يرون} من قوله تعالى: { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ
يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ } التوبة:126،
قراءتان:
1- (أولا يَرون) بالياء، أي أولا يرى المنافقون أنهم يفتنون، أي يمتحنون بالمرض وغيره في كل عام مرة أو مرتين.
2- (أولا تَرون) بالتاء، أي أنتم معشر المؤمنين أنهم يفتنون، يعني المنافقين.
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
أثنى الله تعالى على نبيه يوسف بقوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} يوسف:24،
وقد قرئت بفتح اللام: (المخْلَصِين)، وكسرها: (المخْلِصِين).
فمن فتحها فمعناه: الذين أخلَصَهم الله لعبادته وكرامته.
ومن كسرها فمعناه: الذين أّخلَصُوا أنفسهم ودينهم لله.
قال ابن جرير: "وذلك أن من أخلَصه الله لنفسه فاختاره، فهو مخلِص توحيده لله، ومن أخلَص توحيده، فهو ممن أخلَصه الله."
【☆】★【☆】★【☆】★【☆】
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} يونس:22، ففي قوله: {يُسَيِّرُكُمْ} قراءتان:
2- (يَنشُركم) بفتح الياء وسكون النون وضم الشين، من النشر بمعنى: التفريق، أي: يفرقكم في البر والبحر.
1- (تَبْلُو) من البلاء، أي: الاختبار.
والمعنى: ستلاقي كل نفس جزاء ما أسلفت من خير أو شر.
2- (تَتْلُو) بتاءين، أي: تقرأ ما أسلفت، وقيل: تتبع كل نفس ما أسلفت.
1- (فَارِهِين)، والفاره: الحاذق بالشيء، أي: حاذقون بنحتها.
2- (فَرِهِين) أي يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشرا وبطرا، من غير حاجة لسكناها.
فكأن قراءة (فَرِهين) ثمرة لقراءة (فَارِهين) كعادة كثير من المجتمعات التي تصاب بالبطر والاستعلاء بعد التمكن المادي.
1- (عَجِبتَ) بفتح التاء، معناها: بل عجبتَ يا محمد من جهلهم وتكذيبهم وهم يسخرون منك.
2- (عَجِبتُ) بضم التاء، فيها إثبات صفة العَجَب -بفتح العين والجيم- لله تعالى على ما يليق به سبحانه.
يقول الشنقيطي: "فهي إذًا من آيات الصفات على هذه القراءة".
1- (عِبَاد) جمع عبد، وفي هذه القراءة تكذيب على من زعم أن الملائكة بنات الله.
2- (عِند) ظرف مكان، وفيه دلالة على رفع منزلتهم وقربهم.
فأفادتنا القراءتان: إثبات عبوديتهم، وعظيم منزلتهم.
1- (بضنين) بالضاد، معناه: البخيل.
أي: لا يبخل بما آتاه الله من العلم والقرآن، ولكن يرشد ويعلم.
2- (بظنين) بالظاء، معناه: المتهم.
أي: ما هو على الغيب بمتهم، بل هو الثقة فيما يخبر عن الله تعالى.