الوسائل المعينة على ترك العُجب بالنفس
[مختصراً من كتاب «الأخلاق والسير في مداواة النفوس» لابن حزم]
· • —– ٠ ✤ ٠ —– • ·
"من اُمتحن بالعجب فليفكر في عيوبه....
فإن خفيت عليه عيوبه جملة حتى يظن أنه لا عيب فيه فليعلم أن مصيبته إلى الأبد، وأنه لَأتم الناس نقصاً وأعظمهم عيوباً وأضعفهم تمييزاً.
🟣 فإن أُعجبت بعقلك،
▪️ففكر في كل فكرة سوء تحل بخاطرك، وفي أضاليل الأماني الطائفة بك، فإنك تعلم نقص عقلك حينئذ.
🟣 وإن أعجبت بآرائك،
▪️فتفكر في سقطاتك واحفظها ولا تنسها.
▪️وفي كل رأي قدرته صواباً فخرج بخلاف تقديرك، وأصاب غيرك وأخطأت أنت. فإنك إن فعلت ذلك فأقل أحوالك أن يوازن سقوط رأيك بصوابه فتخرج لا لك ولا عليك، والأغلب أن خطأك أكثر من صوابك.
🟣 وإن أعجبت بعملك،
▪️فتفكر في معاصيك وفي تقصيرك...، فوالله لتجدن من ذلك ما يغلب على خيرك ويعفي على حسناتك.
🟣 وإن أعجبت بعلمك،
▪️فاعلم أنه لا خصلة لك فيه، وأنه موهبة من الله مجردة وهبك إياها ربك تعالى. فلا تقابلها بما يسخطه فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت.
▪️ثم تَفكر أيضاً في أن ما خفي عليك وجهلته من أنواع العلم... أكثر مما تعلم من ذلك، فاجعل مكان العجب استنقاصاً لنفسك واستقصاراً لها فهو أولى.
▪️ وتفكر فيمن كان أعلم منك تجدهم كثيراً، فلتهن نفسك عندك حينئذ.
▪️ وتفكر في إخلالك بعلمك وأنك لا تعمل بما علمت منه، فلعلمك عليك حجة حينئذ.
🟣 وإن أعجبت بمالك،
▪️فهذه أسوأ مراتب العجب...
▪️واعلم أن عجبك بالمال حمق لأنه أحجار لا تنتفع بها إلا أن تخرجها عن ملكك بنفقتها في وجهها فقط.
▪️والمال أيضاً غادٍ ورائح، وربما زال عنك ورأيته بعينه في يد غيرك، ولعل ذلك يكون في يد عدوك. فالعجب بمثل هذا سخف والثقة به غرور وضعف.
🟣 وإن أعجبت بنسبك،
▪️فهذه أسوأ من كل ما ذكرنا، لأن هذا الذي أعجبت به لا فائدة له أصلاً في دنيا ولا آخرة.
▪️وانظر هل يدفع عنك جوعة أو يستر لك عورة أو ينفعك في آخرتك.
🟣 فإن أعجبت بولادة الفضلاء إياك،
▪️فما أخلى يدك من فضلهم إن لم تكن أنت فاضلاً، وما أقل غناهم عنك في الدنيا والآخرة إن لم تكن محسناً!
▪️وإذا فكر العاقل في أن فضل آبائه لا يقربه من ربه تعالى ولا يكسبه وجاهة لم يحزها هو بسعده أو بفضله... فأي معنىً الإعجاب بما لا منفعة فيه! وهل المعجب بذلك إلا كالمعجب بمال جاره وبجاه غيره!
🟣 وإن أعجبت بقوة جسمك،
▪️فتفكر في أن البغل والحمار والثور أقوى منك وأحمل للأثقال." انتهى