"متى أرادك لشيء هيأك له"
"على قدر النظر في العواقب، يخف العشق عن قلب العاشق."
"قيل لبعض الزهاد وعنده خبز يابس. كيف تشتهي هذا؟ فقال: أتركه حتى أشتهيه."
"اقتصار الرجل على علمه إذا مازجه نوع رؤية للنفس حُبس عن إدراك الصواب، نعوذ بالله من ذلك."
"وإن اللذات لتعرض على المؤمن، فمتى لقيها في صف حربه وقد تأخر عنه عسكر التدبر للعواقب هزم."
"واعلم - وفقك الله تعالى - أن البدن كالمطية ولا بد من علف المطية، والاهتمام به. فإذا أهملت ذلك كان سبباً لوقوفك عن السير ."
"مراتب الآخرة إنما تعلو بمقدار علو العمل لها وأن التدارك بعد الفوت لا يمكن. وقدِّر أن العاصى عُفِى عنه، أينال مراتب العمال؟!"
"والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به، ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة، فقدم مفلساً مع قوة الحجة عليه."
"هؤلاء إخوة يوسف - عليهم السلام - أبعدوه عن أبيه ليتقدموا عنده، وما علموا أن حزنه عليه يشغله عنهم، وتهمته إياهم تبغِّضهم إليه"
"أعظم المعاقبة أن لا يحس المعاقب بالعقوبة. وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو العقوبة، كالفرح بالمال الحرام والتمكن من الذنوب. ومن هذه حاله، لا يفوز بطاعة."
"أتُراك ممن خُتم له بفتنة، وقُضيت عليه عند آخر عمره المحنة؟! كان أول عمرك خيراً من الأخير. كنت في زمن الشباب أصلح منك في زمن أيام المشيب."
"لا ينبغي للعاقل أن يظهر سراً حتى يعلم أنه إذا ظهر لا يتأذى بظهوره. ومعلوم أن السبب في بث السر طلب الاستراحة ببثه، وذلك ألم قريب فليصبر"
"فالموفق من إذا تلمح قصر الموسم المعمول فيه، وامتداد زمان الجزاء الذي لا آخر له انتهب حتى اللحظة وزاحم كل فضيلة، فإنها إذا فاتت فلا وجه لاستدراكها."
"ينبغي لمن وقع في شدة ثم دعا أن لا يختلج في قلبه أمر من تأخير الإجابة أو عدمها. لأن الذى إليه أن يدعو والمدعو مالك حكيم، فإن لم يجب فعل ما يشاء في ملكه وإن أخر فعل بمقتضى حكمته."
"ما قعد من قعد إلا لدناءة الهمة وخساستها. واعلم أنك في ميدان سباق والأوقات تنتهب. ولا تخلد إلى كسل. فما فات ما فات إلا بالكسل. ولا نال من نال إلا بالجد والعزم. وإن الهمة لتغلي في القلوب غليان ما في القدور."
"ولا ينبغى أن تطلب لحاسدك عقوبة أكثر مما هو فيه فإنه في أمر عظيم متصل لا يرضيه إلا زوال نعمتك. وكلما امتدت امتد عذابه، فلا عيش له. وما طاب عيش أهل الجنة إلا حين نُزع الحسد والغل من صدورهم ولولا أنه نُزع تحاسدوا وتنغص عيشهم."
"فتفكرت فعلمت أن النفس لا تقف عند حد بل تروم من اللذات ما لا منتهى له، وكلما حصل لها عرض برد عندها وطلبت سواه، ليفنى العمر ويضعف البدن ويقع النقص، ويرق الجاه، ولا يحصل المراد. وليس في الدنيا أبله ممن يطلب النهاية في لذات الدنيا، وليس في الدنيا على الحقيقة لذة، إنما هي راحة من مؤلم."
"يبين إيمان المؤمن عند الابتلاء، فهو يبالغ في الدعاء ولا يرى أثراً للإجابة، ولا يتغير أمله ورجاؤه ولو قويت أسباب اليأس، لعلمه أن الحق أعلم بالمصالح. أو لأن المراد منه الصبر أو الإيمان فإنه لم يحكم عليه بذلك إلا وهو يريد من القلب التسليم لينظر كيف صبره، أو يريد كثرة اللجأ والدعاء. فأما من يريد تعجيل الإجابة ويتذمر إن لم تتعجل فذاك ضعيف الإيمان، يرى أن له حقاً في الإجابة وكأنه يتقاضى أجرة عمله ."
"فإذا علم الإنسان - وإن بالغ في الجد - بأن الموت يقطعه عن العمل، عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته. فإن كان له شيء من الدنيا، وقف وقفاً، وغرس غرساً، وأجرى نهراً، ويسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده فيكون الأجر له. أو أن يصنف كتاباً من العلم، فإن تصنيف العالم ولده المخلد، وأن يكون عاملاً بالخير، عالماً فيه، فينقل من فعله ما يقتدي الغير به. فذلك الذي لم يمت «قد مات قوم وهم في الناس أحياء»."
"ولقد شاهدت خلقاً كثيراً لا يعرفون معنى الحياة، فمنهم من أغناه الله عن التكسب بكثرة ماله، فهو يقعد في السوق أكثر النهار ينظر إلى الناس، وكم تمر به من آفة ومنكر. ومنهم من يخلو بلعب الشطرنج، ومنهم من يقطع الزمان بكثرة الحوادث من السلاطين والغلاء والرخص إلى غير ذلك. فعلمت أن الله تعالى لم يُطلع على شرف العمر ومعرفة قدر أوقات العافية إلا من وفقه وألهمه اغتنام ذلك ﴿وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم﴾."
"والله ما ينفع تأديب الوالد إذا لم يسبق اختيار الخالق لذلك الولد، فإنه سبحانه إذا أراد شخصا رباه من طفولته وهداه إلى الصواب ودله على الرشاد وحبب إليه ما يصلح وصحبه من يصلح. وبغض إليه ضد ذلك، وقبح عنده سفساف الأمور، وعصمه من القبائح، وأخذ بيده كلما عثر. وإذا أبغض شخصا تركه دائم التحير متخبطا في كل حال، ولم يخلق له همة لطلب المعالي وشغله بالرذائل عن الفضائل ."
"همة المؤمن متعلقة بالآخرة فكل ما فى الدنيا يحركه إلى ذكر الآخرة، وكل من شغله شيء فهمته شغله. ألا ترى أنه لو دخل أرباب الصنائع إلى دار معمورة رأيت البزاز ينظر إلى الفرش ويحزر قيمته والنجار إلى السقف والبَناء إلى الحيطان والحائك إلى النسيج المخيط. والمؤمن إذا رأى ظلمة ذكر ظلمة القبر، وإن رأى مؤلما ذكر العقاب، وإن سمع صوتا فظيعا ذكر نفخة الصور، وإن رأى الناس نياما ذكر الموتى في القبور، وإن رأى لذة ذكر الجنة، فهمته متعلقة بما ثَمَّ وذلك يشغله عن كل ماتم."
"كان لنا أصدقاء وإخوان أعتد بهم، فرأيت منهم من الجفاء وترك شروط الصداقة والأخوة عجائب، فأخذت أعتب، ثم انتبهت لنفسى فقلت : وما ينفع العتاب، فإنهم إن صلحوا فللعتاب لا للصفاء. فهممت بمقاطعتهم، ثم تفكرت، فرأيت الناس بی معارف وأصدقاء فى الظاهر، وإخوة مباطنين ، فقلت : لا تصلح مقاطعتهم، إنما ينبغي أن تنقلهم من ديوان الأخوة إلى ديوان الصداقة الظاهرة فإن لم يصلحوا لها نقلتهم إلى جملة المعارف، وعاملتهم معاملة المعارف، ومن الغلط أن تعاتبهم."
"أهتز عند تمني وصلها طرباً -- ورب أمنية أحلى من الظفر"
"والمرء مثل هلال عند طلعته --- يبدو ضئيلاً لطيفاً ثم يتَّسقُ
يزداد حتى إذا ما تم أعقبه -- كرُّ الجديدين نقصاً ثم ينمحقُ"
"ودع التوقع للحوادث إنه -- للحي من قبل الممات ممات
لولا مغالطةُ النفوس عقولَها -- لم تصفُ للمتيقظين حياة"
"وما في الأرض أشقى من محب -- وإن وجد الهوى عذب المذاق
تراهُ باكياً في كل وقت -- مخافة فرقة أو لاشتياق
فيبكي إن نأوا شوقاً إليهم -- ويبكي إن دنوا خوف الفراق
فتسخن عينه عند التداني -- وتسخن عينه عند الفراق"