[من كتاب "القول المفيد على كتاب التوحيد" للشيخ ابن عثيمين]
قال ﷺ: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان.
🟪 ما هو "عمل الشيطان"؟
"وعمله: ما يلقيه في قلب الإنسان من الحسرة والندم والحزن؛ فإن الشيطان يحب ذلك، قال تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}، حتى في المنام يريه أحلاما مخيفة ليعكر عليه صفوه ويشوش فكره، وحينئذ لا يتفرغ للعبادة على ما ينبغي."
🟪 هل "لو" لا تجوز مطلقاً؟
" "لو" تستعمل على عدة أوجه:
▪️الوجه الأول: أن تستعمل في الاعتراض على
الشرع، وهذا محرم...
في
غزوة أحد حينما تخلف أثناء الطريق عبد الله بن أبي في نحو ثلث الجيش، فلما
استشهد من المسلمين سبعون رجلا اعترض المنافقون على تشريع الرسول صلى الله
عليه وسلم، وقالوا: لو أطاعونا ورجعوا كما رجعنا ما قتلوا، فرأينا خير من
شرع محمد، وهذا محرم وقد يصل إلى الكفر.
▪️الثاني: أن تستعمل في الاعتراض
على القدر، وهذا محرم أيضا.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا
ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزّىً لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا
مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} أي: لو أنهم بقوا ما قتلوا؛ فهم يعترضون على قدر
الله.
▪️الثالث: أن تستعمل للندم والتحسر، وهذا محرم أيضا؛
لأن كل شيء يفتح الندم
عليك فإنه منهي عنه؛ لأن الندم يكسب النفس حزنا وانقباضا، والله يريد منا
أن نكون في انشراح وانبساط،...
مثال ذلك: رجل حرص أن يشتري شيئا يظن أن
فيه ربحا فخسر، فقال: لو أني ما اشتريته ما حصل لي خسارة؛ فهذا ندم وتحسر،
ويقع كثيرا، وقد نهي عنه.
▪️الرابع: أن تستعمل في الاحتجاج بالقدر على
المعصية؛
كقول المشركين: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}... وهذا باطل.
▪️الخامس: أن
تستعمل في التمني، وحكمه حسب المتمنى: إن كان خيرا فخير، وإن كان شرا فشر،
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة النفر الأربعة قال أحدهم:
" لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان "فهذا تمنى خيرا، وقال الثاني: "لو أن
لي مالا لعملت بعمل فلان" فهذا تمنى شرا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم
في الأول: " فهو بنيته، فأجرهما سواء " وقال في الثاني: " فهو بنيته،
فوزرهما سواء ".
▪️السادس: أن تستعمل في الخبر المحض. وهذا جائز،
مثل: لوحضرت الدرس لاستفدت، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " لو استقبلت من أمري ما
استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم " فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه
لو علم أن هذا الأمر سيكون من الصحابة ما ساق الهدي ولأحل، وهذا هو الظاهر
لي..."