ثلاثية الصمود أمام ابتلاءات الدنيا | فايز الكندري
ثلاثية الصمود أمام ابتلاءات الدنيا
[مختصراً من كتاب "البلاء الشديد والميلاد الجديد: أربعة عشر عاماً في غوانتنامو"
للشيخ فايز الكندري]
أستطيع القول بكل ثقة من خلال التجربة الطويلة في أشد الظروف قسوة عند أقوى استخبارات وقوة عسكرية في العالم:
إن أعظم استراتيجية يواجه بها الإنسان ابتلاءات الدنيا تكمن في (ثلاثية الصمود):
تصحيح التصور،
الاتصال بالله،
الجهد البدني.
إن تغيير التصور لحقيقة البلاء هو أهم عنصر لتجاوزه بنجاح. الابتلاء يعني الاختبار وليس الاحتقار، إنه تطهير لا تدمير، إنه اليقين بأنه يصطفيك حين يبتليك. حين تصاب مع أسرتك بحادث سيارة تصاب فيه بالشلل وتفارق فيه زوجتك وابنتك الحياة فإنك ستنهار، لأنك رأيت الشلل لا الجائزة المترتبة عليه، لأنك رأيت في الموت الفراق ولم تر فيه الانتقال إلى دار التلاق، ماذا لو أخبرك المَلِك أنك إن صبرت على ابتلائك العابر الزائل فسيهبك قصراً مشيداً في جزيرة خلابة تنتظرك فيها زوجتك وأولادك بفارغ الصبر، تتنعمون فيها خالدين بأنواع الملذات والأفراح؟ إنه التصور، يشتعل قلبك غضباً وجسدك ألماً حين يضربك عدوك، ولو ضربك مدربك الرياضي لتقوية جسدك لتقبلت الأمر بصدر رحب، هو ذات الضرب لكن التصور اختلف فاختلفت معه مشاعرك وسلوكك.
وأما الاتصال بالله عن طريق الصلاة والدعاء والقرآن والتفكر فهو المدد الذي يفيض على قلبه ليذكره بشرف الجزاء وقرب الوصول. إن تصحيح التصور وحده لا يكفي لتجاوز قنطرة البلاء لأن ميدانه الفكر، والإنسان لا يصل بالفكر وحده، بل لا بد من زاد إيماني يصله بالسماء، وهو أشد غناءً للروح من الطعام والشراب للجسد.
وأما الجهد البدني فالإنسان يتكون من جسد وروح، حين يكون الجسد ساكناً خاملاً فإن حِمل البلاء ينصب على الروح وحدها، فإن نشط الجسد ونصب تفرق البلاء عليهما فخفت وطأته على الروح. وهذا جربته بنفسي، لم أدع التمارين الرياضية طوال الأربعة عشر عاماً التي قضيتها في غوانتانامو مهما اشتدت الظروف وعظم البلاء، فالتمارين الرياضية لا تخفف الجسد من أوزانه الزائدة فحسب بل تخفف الروح من أثقالها المرهقة.
تعليقات
إرسال تعليق