"من المهم الوعي بأن اهتمامات الناس لا تنفصل عن تفكيرهم وقدراتهم، فما نراه قليل الجدوى، وليس ذا أهمية بالنسبة لنا، قد يكون هو أولى ما ينشغل به غيرنا بالنظر لقدراته، وإمكاناته."
"حين تلام على إهمال ما لا ترى أهميته من التفاصيل؛ فالاعتذار والاعتراف بالتقصير من تمام اللباقة والذوق، دون الإشارة إلى رأيك في عدم أهمية ذلك؛ إذ كثير من الناس يقرأ ذلك على أنه قلة اهتمام، لا أنه اختلاف رأي."
"وقد تعلمت في موضوع الاستشارة تجنب أمثال هؤلاء:
أولهم: الشخص المندفع، والذي يعجب بالفكرة سريعا دون أن يمحصها؛ فهو دائما يستحسن أي فكرة تعرضها عليه، ويدفعك لتنفيذها على الفور.
ثانيهم: الشخص المتشائم والمحبط، وهذا النوع دائما ما يتوقع الفشل لأي مشروع، وتقفز إلى ذهنه العقبات فورا؛ إذ إنه ذو حساسية مفرطة تجاه المخاطر.
ثالثهم: الشخص غير المتخصص؛ والتخصص ليس بالضرورة مرتبطاً بمسميات الدراسة العلمية، فقد يوجد شخص متخصص علمياً وآخر متخصص عمليا بخبرة متراكمة، ومهما كان الشخص ذا علم وفقه ورأي فإنك حينما تستشيره في أمر هو غير متخصص فيه قد لا تستفيد منه كثيرًا؛ بل ربما يصرفك عن أمر مهم أو مشروع ناجح."
"في أحيان كثيرة نتحدث دون أن نعرف حقيقة الشخص الذي نتحدث معه؛ حتى أننا لا نعلم الكثير عن حاله ومعارفه وخبراته؛ فنقدم ما لدينا بثقة تامة مفترضين بأننا أفضل من هذا المستمع، ومعتقدين بأننا أكثر وعيا وفهما واطلاعا منه؛ فإن هو سأل أو اعترض فقد لا نتعمق في فهم سؤاله ولا نتقبل اعتراضه؛ بل نبقى مستمرين في حديثنا بذات النسق، مدعين بلسان الحال قبل المقال بأننا الأفقه والأعلم. وعندما نكتشف بأن الأمر على خلاف ما ظنناه، قد يكون وقت الاستدراك والتصويب قد فات وأحيانًا يظهر جهلنا أمام المستمع ؛ لكن ذوقه الرفيع يجعله يلتزم الصمت مفضلاً عدم إحراجنا.
وتعلمت من هذا الموقف ألا أستهين بمن أمامي، وأن أفترض بأنه قد يكون أكثر معرفة وخبرة مني وربما كان متخصصا في الموضوع التي أحدثه عنه، وأن على استشفاف مدى معارفه قبل أن أسهب في عرض ما لدي."