وجوه اللين في خطاب موسى لفرعون
[مختصراً من "التبيان في أقسام القرآن" لابن القيم]
﴿فَقُلْ هَلْ لَكَ إلى أنْ تَزَكّى * وأهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فَتَخْشى﴾ [النازعات: ١٨-١٩]
❶ إخراج الكلام مخرج العرض ولم يخرجه مخرج الأمر والإلزام.
❷ قوله (إلى أن تزكى)، والتزكي النماء والطهارة والبركة والزيادة. فعرض عليه أمرًا يقبله كل عاقل ولا يرده إلا كل أحمق جاهل.
❸ قوله (تزكى)، ولم يقل أزكيك. فأضاف التزكية إلى نفسه، وعلى هذا يخاطب الملوك.
❹ قوله (وأهديك)، أي أكون دليلًا لك وهاديًا بين يديك.
❺ قوله (إلى ربك)، فهو يوصله إلى ربه فاطره وخالقه الذي أوجده ورباه بنعمه.
وهو نوع من خطاب الاستعطاف كما تقول للولد: ألا تطيع أباك الذي رباك؟
❻ قوله (فتخشى)، أي إذا اهتديت إليه وعرفته خشيته، لأن من عرف الله خافه ومن لم يعرفه لم يخفه.
❼ في قوله (هل لك) فائدة لطيفة، وهي أن المعنى هل لك في ذلك حاجة أو أرب؟ فكأنه يقول: الحاجة لك وأنت المتزكي، وأنا الدليل لك والمرشد لك إلى أعظم مصالحك.
فقابل هذا بغاية الكفر والعناد، وادَّعى أنه رب العالمين!