💠ما أدري لسماع عيوب الناس خصلة إلا الاتعاظ بما يسمع المرء منها فيجتنبها ويسعى في إزالة ما فيه منها بحول الله تعالى وقوته. وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبـير لا يسوغ أصلاً.
💠الباخل بالعلم الأَمُ [من اللؤم] من الباخل بالمال، لأن الباخل بالمال أشفق من فناء ما بيده، والباخل بالعلم بخل بما لا يفنى على النفقة، ولا يفارقه مع البذل.
💠ثِقْ بالمُتَدَين -وإن كان على غير دِينِكَ-، ولا تَثِقْ بالمُسْتَخِف -وإن أظهر أنَّه على دينك-.
💠لم أرَ لإبليسَ أَصْيد، ولا أَقْبَحَ، ولا أحمق؛ من كلمتين ألقاهما على أَلْسِنَةِ دُعاتِهِ:
إحداهما: اعتذارُ من أساء بأن فلاناً أساء قبله.
والثانية: استسهال الإنسان أن يسيء اليوم لأنه قد أساء أمس، أو أن يسيء في وجهٍ ما لأنه قد أساء في غَيْره.
فَقَدْ صارت هاتان الكلمتانِ عُذْراً؛ مسهْلَتَين للشَّرِّ، ومُدخلتين له في حد ما يُعْرَفْ ويُحمل، ولا يُنكر.
💠إهمال ساعة يُفْسِدُ رياضة سَنَةٍ.
💠لا
تَنْصَحْ على شرط القبول ولا تشفع على شرط الإجابة، ولا تَهَبْ على شرط
الإثابة لكن على سبيل استعمال الفضل، وتأدية ما عليك من النصيحة، والشفاعة،
وبذل المعروف.
💠إذا نصحتَ فانْصَحْ سِرًّا لا جهراً، وبتعريض لا
تصريح إلا لمن لا يفهم فلا بُدَّ من التّصريح له، ولا تنصح على شرط القبول
منك، فإن تعديت هذه الوجوه فأنتَ ظالم لا ناصح وطالب طاعة ومُلْكِ لا مؤدي
حق، أمانة وأخوَّةً، وليس هذا حُكم العقل، ولا حكم الصداقة، لكن حكم الأمير
مع رَعِيَّتِهِ، والسيد مع عَبْدِهِ.
💠نجدُ المُقر بالرؤية لله
-عز وجل- شديد الحنين إليه، عظيم النزوع نحوها، لا يَقْنَعُ بدرجةٍ دونها؛
لأنه يطمع فيها، ونجدُ المُنكر لها لا تَحِنُّ نفسه إلى ذلك، ولا يتمناه
أصلا، لأنَّه لا يطمع فيه، ونجده يقتصر على الرّضى والحلول في دار الكرامة
فقط ، لأنه لا تطمع نفسه في أكثر.
💠من عَجِيبِ تدبير اللَّهِ -عزّ وجلَّ ـ للعالم؛ أنَّ كلَّ شيء اشتدَّت الحاجة إليه كانَ ذلك أهونَ له، وتأمل ذلك في الماء فما فوقه، وكلّ شيءٍ اشتدَّ الغِنا عنه كانَ ذلك أعزّ له، وتأمل ذلك في الياقوت الأحمر، فما دُونَهُ.
💠صَدَقَ من قالَ: إنَّ العاقل مُعذِّبٌ في الدُّنيا. وصدق من قال : إِنَّه فيها مُسْتَرِيحٌ. فأما
تعذيبه فبما يرى من انتشار الباطل، وغَلَبَةِ دُوله، وبما يُحال بينه
وبينه من إظهار الحقِّ، وأمّا راحَتُهُ فمن كلّ ما يهتم به سائر الناس من
فضول الدُّنيا.
💠كلما نقص العقل توهَّمَ صاحبه أنَّه أوفرُ النَّاس عقلا، وأكمل ما كانَ تَمييزاً، ولا يَعْرِضُ هذا في سائر الفضائل.
💠من
بديع ما يَقَعُ في الحَسَدِ؛ قولُ الحاسد -إذا سمِعَ إنساناً يُغْربُ في
علم ما- : هذا شيء بارِدٌ، لم يَتَقدَّم إليه، ولا قالَهُ قَبْلَهُ أحدٌ.
فإن سمع من يُبَيِّنُ ما قد قالَهُ غيرُه، قالَ: هذا بارد، وقد قيل قبله.
وهذه طائِفَةً سوء، قد نَصَبَتْ أَنفُسَها للقعود على طريق العلم يصدُّونَ
النَّاس عنها ليَكْثُرَ نظراؤُهم من الجهال.
💠ليس الحِلْمُ تقريب العدو، ولكنه مُسَالَمَتُهُمْ مع التَّحَفُّظِ منهم.
💠مَنْ
ساوى بين عدوه وصديقه في التقريب والرفعة لم يزد على أن زَهْدَ النَّاسَ
في مودته، وسهل عليهم عداوته، ولم يزدْ على اسْتِخْفافِ عَدُوِّه له،
وتمْكِينِهِ من مقاتله، وإفسادِ صَدِيقهِ على نفسه والحاقِهِ بجُمْلَةِ
أعدائه.
💠مَن قدَّر في نفسه عجباً أو ظن لها على سائر الناس فضلاً، فلينظر إلى صبره عندما يدهمه مِن هَمّ أو نكبة أو وجع أو دمل أو مصيبة. فإن رأى نفسه قليلة الصبر فليعلم أن جميع أهل البلاء من المجذومين وغيـرهم الصابرين أفضل منه على تأخر طبقتهم في التمييـز. وإن رأى نفسه صابرة فليعلم أنه لم يأت بشيء يسبق فيه على ما ذكرنا، بل هو إما متأخر عنهم في ذلك أو مساوٍ لهم ولا مزيد.