الحُجُب التي تمنع من رؤية المِنَح في المِحَن | كريم حلمي

[ملخص محاضرة يُصب منه للدكتور كريم حلمي

ضمن أمسيات مخيم غراس2 الرمضاني]

 

 * من المعاني الإيمانية التي قد تَخلَق في الجوف، معنى أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وأن البلاء منحة وإن كان ظاهره محنة. فلا بد من تجديد هذه المعاني، ويضاف إلى ذلك الانتباه إلى عوامل التعرية التي تسبب تآكلها، والحُجُب التي تمنع من حياة هذه المعاني في القلب.

 

💠من الحُجب التي تمنع من رؤية المِنَح في المِحَن:
1) عدم تقبل الضعف والألم والحزن وأن هذه الطبيعة البشرية لا بد منها.
    وتقبل هذا مهم، لأن الشيطان يدخل من هذا المدخل ويجعل الإنسان يعتقد أنه فعل محظوراً وأنه منافق، ويؤيِّسه من رحمة الله.
2) خُفوت التصور الصحيح عن  الحياة الدنيا وطبيعتها وأنها دار بلاء.
3) الغفلة عن حقيقة العقد الإيماني مع الله.
    {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}، "ألا إن سلعة الله غالية". ولا بد من ثمن للجنة.
4) العجلة.
    "ولكنكم تستعجلون"، وعجلة الإنسان هذه تجعله يتذمر ولا يصبر، ولا يرى المنح والخير العظيم الآجل. نقرأ القصص القرآنية ونظن أنها انتهت سريعاً كما انتهت آياتها، وهي في الواقع تكون استغرقت سنين طويلة.
5) الغرق في جزيئات البلاء، والغفلة عن انتشال النفس للاعتصام بالمحكمات.
    لا يرى الإنسان إلا البلاء أمام عينيه وينسى كل النعم الموجودة، ويظل يشغل تفكيره ووقته بهذا البلاء ومتى سينتهى. لهذا يكثر ربط الصبر بالانتفاع بالآيات والتذكر في القرآن {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور}.
6) الإصرار على معرفة الغيب وعلى تجاوز حد البشرية.
    الإصرار على معرفة الحكمة من هذا الابتلاء وإلا لن يصبر. وهذا تجاوز لمقام العبودية إلى منازعة على الربوبية. "وأنت تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب"
7) الاضطرابات المرضية مثل اضطرابات القلق والوسواس القهري.
    فتسيطر عليه الأفكار القلقة ولا يستطيع أن يرى المِنَح. عودة على النقطة الأولى، فاستغلال الشيطان لهذه النقطة يدخل الإنسان في حلقة مفرغة من القلق، فبعد أن كان يقلق من البلاء أصبح يقلق من جزعه أو نفاقه وهذا يزيده قلقاً وهكذا. مما يساعد هنا أن يُذكِّر المصابُ بمثل هذه الاضطرابات نفسه أنه عادة ما يكون لديه تضخيم للأمور بأكبر من حجمها، وتوقع للأمور بصورة أسوأ مما هي عليه في الواقع.
 

💠من المِنَح في المِحَن:
1) التثوير    2) التطهير    3) التعطير    4) التبشير    5) التغيير

1) التثوير: إثارة مشاعر الحب للـه سبحانه وتعالى والشعور بقربه منك إذا كنت في الجملة من أهل الإيمان والصبر. "إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم"، "من يرد الله به خيراً يُصِب منه" وهذا البلاء يترتب عليه من الخير ما يحبه الله.
2) التطهير: من الآثام. لو أدركنا خطورة الآثام في الآخرة لتخلصنا منها في الدنيا بما نملك، والله يطهرنا منها بالبلاء. وينبغي أن تُغالب مشاعر الفرح مشاعر الحزن، لأن الإنسان يتخلص من ذنوبه المهلكة.
3) التعطير: مضاعفة الأجر والثواب. "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء"، الله إذا أحب قوماً وكتب لهم منزلة في الجنة فإنه يبلغهم إياها رغم أنوفهم. وسيفرح الإنسان بهذا لا محالة في الجنة، لكن ثوب الإنسانية بما فيها من هلع وجزع وخوف تمنعه من إدراك هذا إدراكاً تاماً. قال سفيان الثوري: "لولا مصائب الدنيا لَوردنَا القيامة مفاليس".
4) التبشير: {وبشر الصابرين}، الصابر يستبشر بالخير من الله، وبأن ما يكرهه قد يكون خيراً وبأنه إن شاء الله من الصادقين الثابتين. وإذا اشتد بلاؤه فإنه يستبشر بأن هذا علامة إيمانه القوي، "يبتلى المرء على قدر دينه"
5) التغيير: لو صدق الإنسان فسيغيره البلاء. البلاء يغير تعلق المرء بالدنيا ويجعله يتعلق بالآخرة وبالله. فالكافر يقول لأحبائه المتوفين: وداعاً، أما المؤمن فيقول لهم: إلى لقاء ثانٍ بإذن الله.

أحدث أقدم